القتلة العشرة الكبار

تظهر أحداث أبحاث منظمة الصحة العالمية أن أكبر أسباب الوفيات خلال القرن التاسع عشرة قد عادت لتجتاح هذا القرن أيضا ... لكن لماذا ؟!

بقلم : جو كاركو

ترجمة : إيهاب عبد الرحيم

العنوان الأصلى للمقال : Deadly Top Ten ونشر فى مجلة Focus عدد فبراير 2000 ونشر مترجم في الثقافة العالمية عدد 101 يوليو-أغسطس 2000
 
ربما كان القرن العشرون عصر التقدم العلمي، ولكن، ومع بداية الألفية الجديدة، كان التقدم بطيئا بصورة مذهلة فيما يتعلق بالصحة العالمية.

فمن يصدق أنه لا يوجد حتى الأن علاج شاف للسرطان ، وأن الإسهال ظل لمدة 100 عام أكبر أسباب الوفيات في جميع أنحاء العالم، وأن التدرن - والذي كان يرتبط عادة بالفقر الذي كان سائدا في العصر الفكتوري - سيظهر مرة أخرى في الغرب كتهديد متنام؟.

والحقيقة أنه برغم ازدياد مأمول الحياة (Life Expectancy)، وبرغم ازدياد النمو الاقتصادي، دلف مليار انسان الى القرن الحادي والعشرون دون أن يكون لهم نصيب من التطورات الطبية التي يشهدها العالم - إذ نقصت أعمارهم أو تشوهت بفعل المرض.

وحسب آخر تقارير منظمة الصحة العالمية، فتك الإسهال بنحو 2.2 مليون إنسان في العام 1998 برغم أنه مرض يمكن معالجته بسهولة باستخدام محلول معالجة الجفاف زهيد الثمن. كان الإسهال سادس أكبر أسباب الوفيات في العام 1998، وهو شرف يشترك فيه مع ولادة الجنين ميتا ووفيات الرضع - وهو سبب آخر للموت يناسب القرن التاسع عشر أكثر من الحادي والعشرين.

كان أهم الأسباب على أكثر حال، هو أمراض القلب، والتي أودت بحياة نحو 7.4 مليون إنسان في السنة التي شملها التقرير وحدها. وكانت أهم أسباب الوفيات في الغرب وجنوب شرق آسيا.

قسمة الموت الكبرى

يمكن تقسيم قائمة منظمة الصحة العالمية لأهم عشرة أسباب للوفيات في المنتصف بين الأمراض المعدية - وهي مميزة في الدول الفقيرة - والأمراض غير السارية، مثل السرطان وأمراض القلب، والمنتشرة في الدول الغنية.

وتعد الكيفية التى نموت بها مؤشرا على ثروتنا.

ففي الغرب الغني يموت الناس بفعل السرطان، والأمراض القلبية الوعائية، والأمراض النفسية،

بينما يموت أقرانهم في البلدان الفقيرة نتيجة للأمراض المعدية في الغالب.

ويبدو الأمر أن من لا يخشى الفقر منا قد جلب على نفسه المرض. فبينما كان بوسعنا في السابق أن نقوم بالقنص والسير، نظل جالسين بلا حراك، وندخن بشراهة ونعرض أنفسنا للإصابة بأمراض القلب والسرطان.

وفي حين إننا لا نحتاج لاستغلال كل طاقتنا في إعداد وجبتنا التالية، أصبح لدينا متسع من الوقت للتفكير في القضايا الوجودية، والعلاقات البشرية وأنماط حياتنا. وربما ليس في الأمر مصادفة أن الاكتئاب يزيد من الاحتمال 3 أضعاف لفقد سنوات من الحياة الصحية في أوروبا وأمريكا عنه في أفريقيا.

بالإضافة إلى تقسيم أسباب الوفيات، هناك تفاوت بين مستوى الالتزام بحل هذه المشكلات. فالدول الغنية تنفق سنويا 55 بليون دولار على الأبحاث الطبية، برغم أن قسما ضئيلا فقط من هذه المبالغ يوجه نحو حل مشلات الفقراء.

وبالمثل، فإن التمنيع (Immunisation) وهو أعظم قصص النجاح في الصحة العامة في التاريخ

(حيث تتوفر التطعيمات لمكافحة أهم أمراض الأطفال الستة):

الحصبة، الكزاز (التيتانوس)، السعال الديكي، التدرن، شلل الأطفال والدفتريا،

تقل نسبة تغطيته ونجاحه عن 100% كثيرا، والخاسر هنا هو أفقر أطفال العالم.

وتمثل إزاحة أوجه الظلم هذه أهم التحديات التى نواجهها في الألفية الجديدة. وعندما ننظر إلى المهمة التي تواجهنا، أطلقت منظمة الصحة العالمية اسم "العبء المزدوج".

تحدي القرن الحادي والعشرون

أولا : هناك مشكلة القتلة من الأمراض غير السارية في الغرب، والتي تنتشر بسرعة في العالم النامي.

وثانيا : هناك مشكلة الأمراض المعدية الكبرى التى ظلت باقية حتى انقضاء القرن العشرين.

وببساطة، فإن الجراثيم المسببة لأمراض مثل التدرن والملاريا (والتي أودت بحياة 261 ألف إنسان في أفريقيا العام 1998)، والكوليرا والدوسنتاريا (الزحار)، قد كيفت أوضاعها للزمن التالي أكثر منا، حيث أصبحت أكثر مقاومة للأدوية.

لكن الأخبار ليست كلها سيئة، فقد استمرت الزيادة المطردة في مأمول الحياة في أوروبا، والتي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر، طوال القرن العشرين. وفي إنجلترا وويلز، تضاعف تقريبا مأمول الحياة خلال الـ 125 سنة الأخيرة، والذي يزيد - للسخرية - من معدلات الأمراض غير السارية. ويبدو أن أهم تحديات القرن الجديد لن يكون في السفر نحو الفضاء أو السيبرناطيقا (Cybernetics)، بل إنها ستكون مثل نظيراتها في القرن المنصرم - أي إزالة الفقر والمرض.

 

القاتل الأول : النوبات القلبية

القاتل الثاني : السكتة الدماغية

القاتل الثالث : الالتهاب الرئوي

القاتل الرابع : الإيدز

القاتل الخامس : التهاب القصبات والنفاخ (الرئة)

القاتل السادس : الإسهال

القاتل السابع : الإملاص (ولادة الجنين ميتا) والوفاة في الإسبوع الأول من العمر

القاتل الثامن : التدرن (السل)

القاتل التاسع : سرطان الرئة

القاتل العاشر: حوادث المرور

حقوق النشر مفتوحة 1421 هـ 2000 م