A t h a g a f y
 is presented fully in Arabic and is best experienced using Internet Explorer

شخصية إسلامية حق علينا الإشادة بها

حتى لا ننسى هؤلاء العظماء ونبقي ذكرهم شامخ ، أفردنا هذا الباب لهم ، نهديه إلى قادة الأمة وكافة أفرادها وخاصة شبابها

نقتطف من مواقع الشبكة أو الكتب ، تاريخهم وقصة حياتهم

الأرشيف أو ما نشر من هذه السلسلة

سلامات هاشم

 زعيم جبهة مورو الإسلامية 

 نقلا من التاريخ

ولد سلامات هاشم لأب يعمل بالفلاحة في إقليم كوتاباتو الذي يُسَمَّى اليوم باسم إقليم ماغوانداناو جنوب الفلبين. وقد درس في الأزهر الشريف حيث حصل على الثانوية الأزهرية ثم كلية أصول الدين. كما نال أيضا درجة الماجستير في الفلسفة، وأعد رسالة دكتوراة عن انتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا، لكنه فقد الرسالة عندما احترق بيته في باجاروان بعد هجوم للجيش أواخر عام 1973م. وقضى هاشم 21 عامًا خارج بلاده، معظمها في مصر، كما زار ليبيا وباكستان والسعودية، وفي هذه الأخيرة درس عند بعض مشايخ الحرم الشريف، وهو أيضا كان ناشطا في أوساط الطلبة الآسيويين والفلبينيين أثناء دراسته. وقد بدأ التحرك مع نور ميسواري لتأسيس جبهة مورو للتحرير الوطني في أواخر الستينيات لمواجهة الحملة آنذاك ضد المسلمين في الفلبين، إلى أن وُقِّعَت اتفاقية طرابلس بين ميسواري والحكومة في ديسمبر 1976. وقد اعتبر هاشم ومعه قادة ميدانيون هذه الاتفاقية "خدعة وخيانة". وانفجر الخلاف بين الجانبين، ودعا القادة الميدانيون ميسوري إلى التنازل لهاشم عن قيادة الحركة. وإثر ذلك انشقت جبهة تحرير مورو الإسلامية في عام 1978 بقيادة سلامات هاشم عن جبهة ميسواري. وأعلنت الجبهة التي يقودها هاشم أن هدفها الاستقلال بجنوب الفلبين، فيما كانت جبهة ميسواري تطالب فقط بالحكم الذاتي. وبينما وقَّع ميسواري اتفاق سلام مع الحكومة الفلبينية في 1996، واصل هاشم وجبهته قتاله للحكومة، واحتل مناطق واسعة في وسط مينداناو. لكن هاشم ساعد في بداية العام الجاري 2003 في الدفع باتجاه إجراء محادثات سلام مع الحكومة الفلبينية ووافق على المشاركة شخصيا فيها.

رحم الله الشيخ "سلامات هاشم" قائد حركة (مورو الإسلامية) الفلبينية، التي تكافح منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي ضدَّ قوات الحكومة الصليبية الفلبينية؛ لحماية مسلمي الفلبّين البالغ عددهم أكثر من 12 مليون نسمة في الجنوب والشمال وِفْق تأكيده هو، والذي قضى نحبه وهو على فراش المرض يوم 13 يوليه الماضي، بعدما ظل يحمل سلاحه أكثر من 30 سنة في يد، والقرآن في اليد الأخرى، يخطب به وسط أنصاره.

رحم الله الشيخ الذي مات ولمَّا يرَ بعدُ ثمرات انتصار قواته في أرض المعركة، أو نتائج مفاوضات السلام التي أبرم هو اتفاقًا بشأنه مع الحكومة الفلبينية قبل وفاته عام 2001م، وكان يستعد لإدارة إحدى جولاتها في 4 أغسطس الجاري 2003م، ولكنها تأجلت بعد وفاته؛ ليترك الحركة في وقت حرج تعاني فيه من اشتداد الحملة الصليبية الحكومية على قواته في الجنوب لحد حشد الجيش الفلبيني 70% من قواته البالغة 113 ألف جندي في أقاليم مينداناو؛ لمقاتلة قوات "هاشم" البالغ عددها قرابة13ألفا فقط، وحشد أمريكا قواتها وعتادها لمساندة هذه الحملة للقضاء على جبهة (مورو) بزعم مساندتها الإرهاب.

صحيح أن التئام الحركة سريعًا والتفافها حول الحاج "مراد" نائب "سلامات هاشم"، وانتخاب "مراد" زعيمًا جديدًا للحركة كان دليلاً على قوة الحركة وتماسكها، كما أن اختيار الحاج "مراد" كزعيم جديد- وهو الذي كان يدير ملف المفاوضات السلمية مع الحكومة الفلبينية ووقع معها اتفاق مارس 2001م- دليل آخر على نزوع الحركة نحو الحل السلمي، ووقف نزيف الدماء، بل والحكمة في ضوء الحملة الشرسة التي تقوم بها قوات الجيش الفلبيني بكامل عتادها ومعها خبراء عسكريون أمريكيون، إلا أن اختفاء زعيم بحجْم "هاشم" في ضوء التحديات الحالية يطرح تساؤلات حول مدى صمود الحركة أمام التحديات التي تواجهها لحماية حقوق مسلمي جنوب الفلبين.

وصحيح أيضًا أن إعلان جبهة (مورو) الإسلامية- فور اختيار زعيمها الجديد الحاج "مراد"-موافقتها على استئناف مفاوضات السلام مع الحكومة الفلبينية والتزامها بالمضيّ قُدمًا فى محادثات السلام مع الحكومة بالرغم من وفاة "سلامات"، يُعَد موقفًا إيجابيًا يبيّض صورتها أمام الرأي العام العالمي، إلا أن الموقف الحكومي الفلبيني الرسمي المدعوم أمريكيًّا يشكك منذ البداية بموقف (مورو)، ويعتبر قبولها (السلام) مناورةً لتخفيف ضغط الحملة العسكرية الفلبينية عليها، ما يعني أن أجواء المفاوضات ليست ايجابية.

تحديات سياسية وعسكرية:

ولا شك أن وفاة "هاشم" في هذا التوقيت الحساس للقضية الفلبينية يضع تحديات كبيرة على كاهل الحركة وزعيمها الجديد، أبرزها استمرار الحملة العسكرية الفلبينية التي ازدادت شراسة منذ عام 2001م، عقب تفجيرات 11 سبتمبر في أمريكا، وتصاعد العداء الغربي والصليبي عمومًا ضد الأقليات المسلمة في العديد من الدول ومنها الفلبين، واستمرار تمركز70% من الجيش الفلبيني في مدن الجنوب المسلمة.

كما تواجه الحركة تحديًا آخر في مفاوضات السلام المقبلة في ماليزيا، والتي كان من المفترض أن يترأس الزعيم الراحل "هاشم" وفدًا من خمسة أعضاء لإجراء مفاوضات سلام مع الحكومة الفلبينية بشأنها، ولكنها تأجلت إلى وقت لاحق ليرأسها الحاج "مراد".

فالمعروف أن الشيخ "هاشم" كان يقف بالمرصاد لأي تنازلات للحكومة الفلبينية فيما يتعلق بمسألة إقامة دولة مستقلة أو حكم ذاتي لمسلمي الفلبين في الجنوب، وكان يوصف بالتشدد، على عكس نائبه ورئيس الحركة الجديد الحاج "مراد"- وهو مهندس مدني في منتصف الخمسينيات من العمر، وغالبًا ما يرتدي الزي العسكري- الذي يصفه (عيد كابالو) المتحدث باسم جبهة (مورو) بأنه "ذلك النوع من الرجال الذي يوازن بين المتشددين والمعتدلين.. إنه يتسم بالمرونة".

ولكن المعضلة هنا أن هناك أطرافًا داخل الحركة قد لا تقبل أية تنازلات قد يقدمها الحاج "مراد" في المفاوضات المقبلة تماشيًا مع الظروف الدولية ولحماية كيان الحركة في هذا الوقت الذي يشهد فيها العالم حملةً أمريكية ظالمة ضد كل ما هو إسلامي بزعم التطرف، الأمر الذي يُخشى معه أن تحدث خلافات داخلية (على غرار ما يحدث بين السلطة الفلسطينية وحركات المقاومة الإسلامية بشأن الحقوق الفلسطينية)!.

فالشيخ الراحل "سلامات هاشم" كان يؤكد في أحاديثه الصحفية على أن اتفاق الهدنة الذي وقعته الجبهة مع حكومة مانيلا- منذ ثلاثة أسابيع في ماليزيا- لا يعني أن مسلمي الفليبين تخلَّوا عن مطالبهم بالاستقلال الكامل، غير أنه قال: "إننا قد نقبل إجراءً يؤدي إلى الاستقلال الكامل، بشرط ألا يمس هذا الإجراء شيئًا من تنظيمنا الإداري والعسكري والشعبي".

كما أنكر الحاج "سلامات" في حديث سابق لشبكة "إسلام أون لاين.نت" وجود تفكير لدى المسلمين بقبول الحكم الذاتي أو الفيدرالية، وقال بوضوح: "إنه لو حدث هذا" فسيوقع حركته فيما وقع فيه "نور ميسواري" رئيس جبهة (مورو) الوطنية بعد فشل صيغة الحكم الذاتي التي قبل بها "ميسواري" في الوصول إلى طموحات وآمال شعب (مورو) المسلم.

ولكن المشكلة أن الظروف الحالية أكثر تعقيدًا وأكثر رفضًا لفكرة الاستقلال لمسلمي الفلبين، وربما يؤدي زيادة الضغوط عليهم إلى قبول الزعامة الجديدة للحركة بأي (إجراء)- على غرار خطة الطريق الفلسطينية- قد يؤدي لخلافات داخلية تضر الحركة وتضعها على المحك، كما حدث لجبهة (مورو) الوطنية بزعامة "نور ميسواري"!!

صحيح أن "سلامات هاشم" كان يقول إنه "إذا رفضت الرئيسة الفلبينية "جلوريا" التفاوض خارج إطار وحدة الفليبين ودستورها فلن نتفاوض مع حكومتها، وإذا رفضت الاستقلال الكامل فسنستمر في جهادنا.. وإن استمرار الحرب لمئات السنين أمر معروف عندنا، فقد حارب أجدادنا الاستعمار الأجنبي لفترة تزيد عن أربعمائة سنة، وإذا كان أجدادنا قد استطاعوا أن يخوضوا أطول حرب في القرون السابقة، فالأجيال المسلمة التي خلفتهم تستطيع أيضًا أن تخوض أطول حرب في القرون المتأخرة إن شاء الله إذا دعت الحاجة".. صحيح كل ذلك، ولكن المشكلة أن الظروف الدولية تضغط الآن على الحركة، ولا تَجري الرياح بما تشتهيه سفن جبهة (مورو) الإسلامية!!.

بل إن التجارب أثبتت أن كافة حكام الفلبين المتعاقبين كان كل منهم ينافس من قبله في تشديد قبضته على المسلمين، ويتخذ سياسات أكثر صليبية، كما أن الكنيسة لعبت دورًا كبيرًا في إنشاء الفليبين، وظلت تلعب دورًا هامًّا في توجيه سياستها منذ ظهورها في حيّز الوجود، وأصبح نفوذها السياسي ملحوظًا في هذه الأيام أكثر من قبل، وهو ما كان يحذر منه "هاشم" بشدة.

الواقع الإسلامي... أرقام وحقائق:

على الرغم من انتشار الإسلام في الفلبين شمالاً وجنوبًا إلا أن مناطق محددة بعينها شهدت وجودًا خاصًا بهم تمركز جله في منطقة "مورو" في الجنوب، ومساحة تقدر بـ110 آلاف كم، والتي تشمل جزر (مينداناو وباسيلان وصولو وطاوي وطالي)، وقد استطاع الاستعمار الغربي التغلب على الوجود الإسلامي في الشمال بخلاف الجنوب، خصوصًا عقب الاحتلال الأمريكي للفلبين.

وقد أكد الحاج "سلامات هاشم" قبل وفاته أن عدد المسلمين في الجنوب يتزايد أكثر من تنامي السكان النصارى في الجزر الشمالية، بالرغم من تكثيف الحكومة الفلبينية لمشاريع تحديد النسل بين المسلمين بشكل خاص، وأشار إلى أن عدد المسلمين في الجنوب يبلغ 10 ملايين نسمة، بالإضافة إلى مليونين في الجزر الشمالية على أقل تقدير.

وعن خطة توطين النصارى في مناطق المسلمين أشار رئيس (مورو) الراحل إلى تعطلها في الأشهر السابقة؛ بسبب الحرب، لكنها لم تُلغَ حسب قوله من استراتيجيات الحكومة لإحداث تغيير في التركيبة الديموجرافية لمناطق المسلمين للتأثير على القرار السياسي الشعبي، لو جاء دوره ليقرر مصير الأقاليم المسلمة، قائلاً: "لو تم الاستفتاء فالجبهة الإسلامية تُصرّ على أن يشمل الاستفتاء السكان الأصليين فقط، ولا شأن للمستوطنين فيه، ولن نعترف بنتيجة استفتاء يشمل المستوطنين، فإننا نعتبرهم أجانب".

وبالطبع يضاف لهذا وجود مليون لاجئ مشرّد من ست محافظات مسلمة من جزيرة مينداناو الرئيسية حتى الآن.

وتعتبر جبهة تحرير (مورو) الإسلامية- بزعامة الشيخ "سلامات هاشم"- هي كبرى التنظيمات الإسلامية العاملة في جنوب الفلبين، وتسيطر الجبهة مع بعض التنظيمات الأخرى على ما مساحته90% من أراضي جزيرة مينداناو، والباقي يسيطر عليه الجيش الحكومي الفلبيني.

وتشرف جبهة (مورو) الإسلامية على عدد كبير من المعسكرات (46 قاعدة) يتدرب فيها بحسب مصادر الجبهة120ألف مجاهد، معظمهم مسلح بأسلحة خفيفة في حين خصصت الحكومة الفلبينية 200 ألف جندي مسلح بشكل كامل، إلى جانب 20 ألف من قوات منظمة "بيجي لانتي" وهي ميليشيات شعبية نصرانية حاقدة يتركز نشاطها على هدم البيوت والمنازل وقتل المدنيين وحرق المساجد، وغالبًا ما تستخدم هذه الميليشيات السيوف والخناجر لقتل المدنيين المسلمين،وقد حاولت الحكومة الفلبينية عقب استعار المعارك الأخيرة منذ 2001م الربط بين حركة (مورو) وجماعة "أبو سياف" التي تخطف السياح الأجانب وتقايضهم بأموال ولا تعبر عن مسلمي الفلبين؛ بهدف تشوية صورة الحركة أمام العالم وزيادة الضغوط عليها للقضاء عليها، حتى إنها أصدرت أوامر باعتقال قادتها تراجعت عنها عقب توقيع اتفاق الإسلام الأخير.

ويبقى السؤال:

هل تصمد الحركة أمام التحديات الداخلية والدولية والعسكرية التي تواجهها؟ وهل تستمر على تشددها فيما يتعلق برفض أي حل سوى الاستقلال والانفصال بدولة لمسلمي الفلبين في الجنوب؟، أم تتراجع وتقبل بحكم ذاتي، كما قبلت حركة (مورو) الوطنية لتضع نهايتها بنفسها؟ وهل تشددها في ظل المساندة الأمريكية الكاملة لحكومة مانيلا في مصلحة مسلمي الفلبين المهددين بالإبادة من جانب قرابة 100 ألف جندي فلبيني، يتمركزون في مناطق سكنهم؟!!.

 

 

حقوق النشر مفتوحة 1421 هـ 2000 م