عودة إلى منتديات الحوار
 

رندة نيقوسيان عقاد

يصعب علينا، في كثير من الأحيان، ترجمة بعض الكلمات الجديدة المشتقة في اللغة الإنجليزية، وذلك بالطبع ليس ناتجاً عن ضعف اللغة العربية أو قلة مفرداتها، وإنما نتيجة لضعفنا عن اشتقاق الكلمات المناسبة، التي تؤدي المعنى المقصود نفسه باللغة الإنجليزية.

كلمة Message Board، هي إحدى الكلمات التي صعب علينا ترجمتها، والترجمة الحرفية لها هي لوحة الرسائل. ولكن الكثير يطلق عليها اسم موقع دردشة أو كلمة ساحة، نسبة لموقع الساحات المعروف، والذي ربما يكون الموقع العربي الأكثر شهرة بين مواقع لوحات الرسائل خلال الستة أشهر الماضية.

لقد دخلت مواقع الدردشة العربية قبل عام بالضبط، وكان أول موقع عربي أصل إليه موقع الجلسة ومن الجلسة استطعت معرفة عنوان موقع الجارح، الذي كان جديداً، وليس على الشكل الحالي وكانت الساحات قد أسست حديثاً ولم تكن قد وصلت إلى درجة الجلسة بعدد روادها.

الآن وفي بداية 1999 وبعد مرور عام أصبح لدى القارئ العربي، العديد من مواقع لوحات الرسائل التي يمكن أن يعبر فيها عن رأيه. وأذكر منها، على سبيل المثال، منتدى العرب، والساحات، والمحيط، وسوالف، والجارح، والجلسة، والمنتدى التابع لمجلة إنترنت العالم العربي.

كثير من الأحيان نجد بعض هذه المواقع خاوية يرتادها الزوار للقراءة فقط .. وبالنسبة لي شخصياً فقد كان هناك سببان للإعراض عن الكتابة في تلك المواقع، الأول هو أن زوار موقع معين، اعتادوا الكتابة بلهجة عامية معينة، تغيب عني معظم مفرداتها من جهة، كما أن الكثير يفضلون الكتابة بالفصحى والابتعاد عن التعليقات السخيفة باللهجات العامية. والسبب الثاني كان يكمن في المواقع الجيدة هو قضية الاسم وكلمة المرور التي كانت لا تتغير، وبالتالي فإن ذلك يستدعي فتح الإيميل كل مرة لعمل نسخ ولصق لكلمة المرور التي قد لا يقبلها البرنامج، إذا كتبت بشكل عادي، نتيجة لضرورة تغيير الأحرف من اللاتينية إلى العربية.

لذا أود أن ألفت هنا انتباه مبرمجي تلك المواقع إلى ضرورة ترك إمكانية تغيير كلمة المرور للمشترك كما هو متبع حديثا في منتدى العرب، وفي موقع سوالف، وموقع الساحات قديماً، أو اعتماد كلمة مرور لا تتغير ولكنها يجب أن تكون مكونة من أرقام، دون استخدام الأحرف، لان الأرقام لا تتغير بين اللاتينية والعربية.

يعتبر التسجيل، وعدم كتابة شخص معين باسم شخص آخر، واستخدام كلمة مرور للكتابة في تلك المواقع، أموراً ضرورية، وهي سبب من أسباب نجاح هذا الموقع، وقد تعتبر إحدى سلبيات موقع المحيط هي أن التسجيل غير موجود، لذلك لم يلق هذا الموقع ثقة كبيرة من أصحاب الرأي وهواة الكتابة، علماً أن الحرية مفتوحة في ذلك الموقع على مصراعيها.

المراقبة ضرورية في تلك المواقع لأنه لا يزال الكثير من الشباب الطائش يخطئون استخدام تلك المواقع، فيكتبون فيها سباباً، وكلاماً بذيئاً، أو عناوين لمواقع مخلة بالآداب .. إلا أن حدود المراقب يجب أن تكون محدودة عند ذلك، وإذا أراد المشاركة في نقاش حول موضوع معين فيجب عليه الاشتراك باسم آخر غير الاسم المعروف به كمراقب.

استخدم المراقبون سلطاتهم في مواقع عديدة بشكل خاطئ، وتدخلوا لمسح مقالات كونها لا تروق لهم، أو أنهم لا يفضلون القراءة لكاتب تلك المواضيع‍ لذا نجد موقعا شهير مثل مواقع الساحات الذي اشتهر سابقاً بمواضيعه القيمة والمفيدة قد بدأ في حالة تدني في مستوى المواضيع التي تكتب فقد هجر العديد من الكتاب الجيدين ذلك الموقع لأسباب متعددة أهمها تصرفات المراقبين وتجاوزهم لصلاحياتهم.

قد يظن البعض أني أكتب هذه الكلمات لمهاجمة موقع معين والدعاية لموقع آخر ولكن الحقيقة غير ذلك فأنا كواحدة من رواد تلك المواقع جميعا أرغب مثل غيري أن أجد دائما كل جديد وكل ما هو مقروء في تلك المواقع جميعا وقد لا يهم اسم الموقع أو مراقبه إذا توفر فيه الموضوع الجيد الذي يجذب أكبر عدد من القراء الذي يتحولون فيما بعد إلى معلقين على تلك المواضيع وكتابا جدد.

يعتقد الكثير أن الكتابة في مواقع الرسائل هو ضرب من الهراء والكلام الفارغ ولكن ذلك غير صحيح فمواقع الرسائل العربية أولاً ليست إلا شكلاً من أشكال مواكبة المواطن العربي لتقدم العصر كما أنها تشكل بالنسبة للعديد من المشاركين نوع من التدريب على احترام الرأي الأخر هذا بالإضافة إلى أنها تساعد في مساهمة أكبر عدد ممكن من البشر في إدلاء رأيه حول موضوع معين ..لقد كان ذلك مقتصرا في الماضي على السياسيين والصحفيين مثلا بالنسبة للأحداث السياسية ..الآن يستطيع طالب في جامعة القاهرة مشاركة زميل له في سلطنة عمان في إبداء رأيه حول حدث ما.

مواقع الرسائل هي نوع من أنواع تواصل الأمة العربية الإسلامية فيما بينها وإن كانت تبدو بعض المواضيع وكأنها ترسخ فكرة التمزق العربي إلا أن الحقيقة غير ذلك لأن المواضيع المحلية المرتبطة بجزء معين من العالم الإسلامي الكبير لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من مواضيع التواصل وتبادل الأفكار والمعلومات.

حرية التعبير عن الرأي يجب أن تكون متروكة من قبل أصحاب تلك المواقع للمشاركين والمعروف عالميا أن أصحاب مثل تلك المواقع ليسوا مسؤولين ولا محاسبين أمام أي سلطة قضائية أو أمنية عما يكتب فيها من الآراء فالآراء تعبر عن وجهة نظر أصحابها الذين يكتبون معظم الأحيان تحت أسماء مستعارة .. وأي محاولة من صاحب موقع معين لكبت الرأي أو طرد مشارك ما بسبب آرائه يعتبر خطوة على طريق عزوف الرواد عن ذلك الموقع.

أمر أخير أود ذكره في هذا الصدد، هو أنه لابد من وجود مواقع لوحات رسائل متعددة ومتنوعة، لأن وجود موقع واحد قد يجعل أصحابه يخطئون في التصرف مع روادهم ..على مثل تلك المواقع أن تفتح أبوابها للمشاركين على مصراعيها حتى تؤدي الدور المطلوب منها في بناء شخصية عربية إسلامية تصل إلى مستوى عال من فهم حرية التعبير عن الرأي في عصر بلغ القمة في النضج السياسي.